نصوص حول محور الريف للمطالعة و التوظيف في الإنتاج الكتابي

 نصوص لإثراء الزاد اللغوي حول الحياة في القرى و الأرياف

النص الأول: جمال الحياة الريفية

خرجت مبكرا و الناس نيام, أمشي على الشاطئ, و أرقب الشمس في طلوعها, و الشمس على الساحل أجمل منها على غيره, فليس لها تلك القوة العاتية, و لا الحرارة القاسية, و لا الأضواء المعشية, بل فيها شيء من الوداعة و اللطف و الحنان.

هاهي ذي قد طلعت تستجلي كالعروس, فأخذت الحياة تدب في النفوس, و تلقي أشعتها الذهبية على البحر, فينعقد منها سحاب, فمطر, فأنهار, و ترسلها على الأرض, فتنتشي و تبتهج, و تمتلأ قوة و نشاطا و حركة, و تطرحها على الطير, فيسرح و يمرح و يتغنى و تحل في قلب الإنسان فيهدأ روعه, و يذهب فزعه و يطمئن إلى حياته و تتحرك إرادته و تنتعش آماله, و تتحسن أحواله.



هنا حياة حرة طليقة, و جو مفتوح, و هواء جديد لم تفسده الحضارة بدخانها و غازاتها و سمومها, و لم تحبسه الأبنية الشامخة, و لم تحجزه الحيطان الأربعة, تتجدد النفس بتجدده, و تمتلئ نشاطا من نشاطه.

و في جو المدن لا يشعر الإنسان بالسماء إلا عند المطر, و لا بجمال الشمس أو جمال القمر, فكل ما حوله من جمال جمال صناعي. فهو قد استغنى بجمال باقات الزهور عن الزهور في منابتها, و استغنى بثريا الكهرباء عن ثريا السماء, و بالحسن المجلوب عن جمال الطبيعة المحبوب.

و إنما يشعر الإنسان حقيقة بجمال الكون, يوم يخرج من المدينة إلى الريف, و يفر من الحضر إلى البادية و أحضان الطبيعة, فيكشف له الخلق بجمال القشيب, و تأخذ بلبه السماء في لانهايتها, و البحار في أبديتها.

تمنيت في هذا المشهد أن أكون كالفراشة أرشف من هذه الزهرة رشفة, و أنشر جناحي في الشمس, أعيش في جمال, و أغيب في جمال, كما تغيب الشمس الجميلة في الشفق.

النص الثاني: الحياة القروية

تدخل البيت القروي, سواء أقصرا كان أم كوخا, فتعجب بما فيه من نظافة و ترتيب, و تدرك في الحال أن المرأة القروية سيدة في بيتها, و أن بيتها إنما يبوح بما فطرت عليه صاحبته من حب التنظيم, و التدبير, و اللباقة, و إكرام الغريب, و التعلق بأسرتها, و القيام بواجباتها البيتية على أتم ما تسمح به الظروف المادية و الإجتماعية.

فإن القرويين, إذا طرقهم غريب, لا يوصدون أبوابهم في وجهه, و لا يعطونه اللقمة بيمينهم, و يسارهم ممدودة إلى كيسه. لكنهم يكثرون السؤال شأن القرويين في كل مكان إذا حل بهم غريب: من؟ و إلى أين؟ و لماذا؟ و نحوها من الأسئلة.

و إن أنت نزلت ضيفا على أحد القرويين, لمست جمال الروابط العائلية و متانتها, فالأسرة وحدة متماسكة, متضامنة.

و إذا اتفق لك أن تمر بقرويين يعملون في حقولهم و كرومهم و جنائنهم, أدهشك ما في عضلاتهم من قوة و جلد, و ما في قلوبهم من حب للأرض, و كل ما تنبته الأرض. فقد تقع على جماعة منهم يلغمون الصخور بالبارود و الديناميت لينقوا منها فسحة ضيقة يصونونها بالحجارة, ثم يغرسون فيها جفنات من الكرم و الزيتون, أو فسائل من التفاح أو غيره من الأشجار المثمرة. إنهم ينتزعون لقمتهم من ضلوع الجلمود, فيأكلونها مغموسة بعرق جبينهم و يستطيبونها لأنها شريفة طاهرة. و قد تقع على والد يحصد قمحه, و من خلفه ابنه الشاب يجمع الحصيد و ينقله على ظهره إلى البيدر.

و ما أكثر ما تمر بقرية من القرى المعلقة في الجبال, فيدلك أهلها على بيت حقير من بيوتها قائلين: من هذا البيت خرج فلان… و فلان هذا قد يكون مهندسا, أو من مشاهير الشعراء, أو الكتاب, أو كبار المواطنين الذين صار لهم صيت عريض في دنيا المال و الصناعة و التجارة.

تعليقات